دعوة شـــخـــصــيـــة مـــــهــــمة
عدد المساهمات : 488 تاريخ التسجيل : 27/04/2009 راجية رضي ربي
| موضوع: سنة التغيير ؟! الأربعاء مايو 06, 2009 6:56 pm | |
| الحمد لله .. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ" .. فهذه الآية ، سنة كونية يسطرها لنا الباري عز وجل في كتابه حتى نكون على بينة، وحتى لا نبتعد عن الجادة ونتوه عن الصواب، وحتى لا نضيِّع العروة الوثقى. هذه آية تمثل معادلة ثابتة مفادها أن الله لن يغير حال قوم من وضع مرضي مريح إلى وضع ضنك مذموم أو العكس إلا إذا غير هؤلاء القوم ما في قلوبهم، فإذا وجهوا قلوبهم إلى مولاهم وامتثلوا أوامره وابتعدوا عن نواهيه غيّر الله حالهم إلى أحسن حال، وإذا توجهت قلوبهم إلى الشهوات وارتكست أنفسهم في حمأة الرذيلة غيّر الله حالهم إلى أسوأ حال، يقول سبحانه: " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى" فهذا القانون الإلهي يعلمنا أننا لكي ننعم بحياة آمنة مرضية يأتينا رزقنا رغدًا فإننا لا بد أن نتفقد قلوبنا ونتفقد علاقتنا بمولانا، لا بد أن نرضي مولانا عز وجل، وعبثًا نحاول أن نصلح أحوالنا إذا نسينا هذا القانون الإلهي أو تجاهلناه، فسنن الله سبحانه لا تتغير ولا تتبدل، " سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً " نجد اليوم أن كثيراً من الناس يتذمرون من ضيق الرزق، وكثيرا ما يتذمرون من واقع الحال إذا لم يكن مواتيا لهم، ولكنهم قليلا ما يسألون أنفسهم أو يسائلونها: ما حالها مع خالقها ومع بارئها؟ هل انصاعت له حتى تنصاع لها الأمور؟ وهل انقادت له حتى تنقاد لها الأسباب؟ هل فارقت أهواءها وشهواتها؟ هل نظرت إلى الدنيا نظر من علم حقيقتها وقدرها ونظر من علم أنه سيفارقها إلى لقاء مولاه وخالقه سبحانه؟ هل سعت إلى إصلاح حالها كي تنصلح أحوالها؟ يقول عليه الصلاة والسلام : ((من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له)) أخرجه الترمذي عن أنس. فهذه حقيقة ثابتة لاتتغير .. إن الله إذا غيّر حال الناس من الشر إلى الخير فبشيء فعلوه، وإذا غيّر حالهم من الخير إلى الشر فبشيء فعلوه، يقول سبحانه: " ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" . إن الله سبحانه غيّر حال أقوام من الضعف إلى القوة ومن الذل إلى العز لما رجعوا إليه واتقوه، يقول سبحانه ممتنا على المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين فارقوا ديارهم وضحوا بأموالهم في سبيل دينهم، يقول سبحانه: " وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" قال قتادة كما عند ابن كثير: "كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلاً، وأشقاه عيشًا، وأجوعه بطونًا، وأعراه جلودًا، وأبينه ضلالاً، من عاش منهم عاش شقيًا، ومن مات منهم ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، واللّه ما نعلم قبيلاً من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلاً منهم، حتى جاء اللّه بالإسلام، فمكّن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكًا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى اللّه ما رأيتم، فاشكروا اللّه على نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من اللّه": إن الله سبحانه يغير حال الفقر إلى حال الغنى وييسر الأرزاق إذا غيّر الناس ما بأنفسهم، فوثقوا فيما عند الله، وابتعدوا عن الحرام، وسعوا إلى طلب الحلال، يرزقهم إذا حققوا التقوى والتوكل، فهو القائل: " وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا" لا يمكن طلب الرزق بدون توكل على الله ويقين كامل بأن المخلوقين مهما عظموا لا يملكون من رزق العبد شيئا، فإذا غاب التوكل اختلطت الأمور وساء الحال، يقول صلى الله عليه وسلم : ((لو أنكم توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير؛ تغدو خماصا وتروح بطانا)) أخرجه ابن ماجة عن عمر رضي الله عنه. إن الله يرزق عباده ويزيدهم من فضله إذا هم شكروه على نعمه وبذلوا منها في سبيله، يقول سبحانه: " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ" . ويقول تعالى: "وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ" [النور: 55]. هذا وعد إلهي من الله لا يتخلف أبدا؛ لأن الله تعالى لا يقول إلا الصدق، هذا الوعد يقول للعباد: حققوا الإيمان والعمل الصالح يتحقق لكم الاستخلاف في الأرض وتمكين الدين، وتبدلون من بعد خوفكم أمنا،هذه ـ إخوة الإيمان ـ سنن الله في تغيير أحوال الناس، وهذه تعاليمه سبحانه وتوجيهات نبيه صلى الله عليه وسلم للمسلمين؛ لكي ينالوا سعادة الدنيا والآخرة، فعضوا عليها بالنواجذ، وضعوها في سويداء القلوب، وذكروا أنفسكم بها، "فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" .. فلا بد أن نستجيب لله سبحانه حتى ننعم بعفوه ورضوانه، يقول سبحانه: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" . يقول ابن القيم كما في الفوائد: "تضمنت هذه الآية أمورًا: أحدها أن الحياة النافعة إنما تحصل بالاستجابة لله ورسوله، فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له وإن كان له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، فالحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله والرسول ظاهرا وباطنا، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان؛ ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول" ... اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين، وثبت أقدامنا على الصراط المستقيم، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم ، ونعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد ...
| |
|