الشيخ أيوب الــــــــمراقب الـــعام
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 27/04/2009
| موضوع: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الأحد مايو 17, 2009 4:11 pm | |
| اللهم لك الحمد على نعمك العظيمة وآلائك الجسيمة، وصل اللهم وسلم على خير خلقك سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
حكاية اليوم: هي حكاية شاب كان اسمه «شحاته أبو الليل» فقير معدم، ظروفه ضيقة، لقيني مرة وقد تقطعت ثيابه، وتمزق حذاؤه، وشعث شعره، كان في منظر بالٍ يسأل شيئا يأكله، أو شيئا يستر به بدنه.
ومرت أيام، وبينما أنا واقف إذا بسيارة فارهة، ينزل منها شاب جميل الهيئة، طيب الريح، رائحته الزكية على بعد عشرات الأمتار، وكان واقفا بجواري ابن عمه «عبد الباسط» فقلت له: هذا الشاب يشبه شحاته، فقال: هذا هو شحاتة سابقا. فقلت: كيف؟! قال: حتى يومين فقط كان اسمه «شحاتة أبو الليل» واليوم اسمه الجديد «كريم أبو النور»، والدنيا حظوظ، فقلت: يبدو أن وراءه قصة!. قال: نعم، قصة عجيبة جدا.
لما ضاقت الحال بي وبشحاتة، قلنا: نخرج نبحث عن شيء، وكان هناك رجل بيننا وبينه مشكلة قديمة ولكنه رجل كريم، وقد فتح الله عليه وعنده الآن أموال كثيرة وقصورٌ، فقال لي شحاته: ما رأيك أن نذهب إلى هذا الرجل ونتوسل إليه ونبكي بين يديه ونطلب منه المسامحة، ونطلب عنده عملا، حتى نخرج من هذه الشدة التي نحن فيها؟ فخرجنا، ولكني في الطريق قلت: لن يسمع لنا هذا الرجل، ورجعتُ، أما هو فقال:
والله لأذهبن إليه، ولأبكين عنده بين يديه، وأنا واثق أنه لن يردني.
وجاء بعد يومين بالهيئة التي تراها، فقد قبله الرجل الكريم ليعمل في قصره، ولكنه أبى أن يعمل في قصره بالهيئة التي كنتَ تراه عليها، فأصرَّ أن يأتي له بحلاق القصر ينظفه ويحلق له، ويضع له أطيب العطور، ويلبسه أفخر الثياب، وقد غيَّر اسمه إلى «كريم أبو النور»؛ ليتناسب مع العمل عند هذا الرجل الكريم.
قلت: سبحان الله! بشر رضي عن بشر، ففعل به كل هذا،! بشر طلب من بشر فلم يرضَ أن يصحبه إلا بهذا الجلال وبهذه الهيئة، وظهر أثر الخدمة من يومٍ ويومين، فكيف إذا خدمنا المليك العلام، الذي ما طابت الدنيا إلا بذكره، وما طابت الجنة إلا برؤيته؟!
فسبحان الله تعالي
لو لجأنا إلي الله تعالي لتغير حالنا وزالت همومنا وذهبت غمومنا
وأنا أسأل نفسي واخواني واخواتي
هل تلجأ إلي الله عند الشدائد ..........؟ متي كانت آخر مرة لجأت إليه ؟
هل إذا واجهتك مشكلة او تريد ان تقضي مصلحة هل تتطلبها من الله اولا ؟ ام تبحث عن مخلوق مثلك ليقضي مصلحتك ..؟
هل تدخل علي الله من باب الذل والانكسار ام انك تدخل عليه بقلب قاس ؟
كم مره بكيت بين يدي الله تعالي تطلب منه ان يحقق طلبك ؟ هل تذكر متي كانت آخر مره ؟
لقد ذكرني هذا بقصة أحد العلماء الناصحين الصالحين، الذي رأي في بعض السكك بابا قد فتح، وخرج منه صبي يستغيث ويبكي، وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه، ودخلت، فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكرا، فلم يجد له مأوي غير البيت الذي خرج منه، ولا من يؤويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزينا، فوجد الباب مغلقا، فتوسده، ووضع خده علي عتبة الباب، ونام، فخرجت أمه، فلما رأته علي تلك الحال، لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبله، وتبكي وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني؟ ومن يؤويك سواي؟ ألم أقل لك لا تخالفني؟ ولا تحملني بمعصيتك علي خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك، والشفقة عليك؟ وإرادتي الخير لك؟. ثم أخذتْه ودخلت(مدارج السالكين 1/213). فتأمل قول الأم: «لا تحملني بمعصيتك...»، وانظر أين تقع رحمة الوالدة، من رحمة الله التي وسعت كل شيء؟ واسمع إلى ما أخرجه البخاري عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْيٍ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَبْتَغِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِى السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا، وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِى النَّارِ». قُلْنَا: لاَ وَاللهِ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «للهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا»( أخرجه البخاري، ك: الادب، ب: رحمة الولد وتقبيله ومعانقته 10/426(5999).
والعجيب أن الله هو الذي يطالبنا بأن نتوب إليه، ويغرينا به وبكرمه، مع غناه عنا وشدة حاجتنا إليه، فأخرج مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطِيئَةً لاَ يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً»( أخرجه مسلم، ك: الذكر والدعاء، ب: فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى 4/ 2068 (2687/22).
وأخرج الترمذي عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «قَالَ اللهُ: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ(أي بملء الأرض) خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً» (أخرجه الترمذي، ك: الدعوات، ب: في فضل التوبة والاستغفار5/548 (3540) والضياء في المختارة 4/399(1571)، وقال: إسناده صحيح.).
بل الله يفرح بتوبة عبده أشد من فرح الأم بعودة حبيبها وقرة عينها وفلذة كبدها. وهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم يصور لنا فرح الحق جل وعلا بتوبة خلقه، فيقول فيما أخرجه مسلم عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: «للهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلاَةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِى ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِى وَأَنَا رَبُّكَ. أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ»( أخرجه مسلم، ك: التوبة، ب: في الحض على التوبة والفرح بها، 4/2104(2747/7).
فهل نقبل على الله الذي يفرح بتوبتنا إليه، ويقول: «إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِى مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»( أخرجه البخاري، ك: التوحيد، ب: ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ 13/511 (7536) عن أنس) ؟ وفرحُ الحق تعالى أكثر ما يكون بتوبة الشاب الذي يصارع هواه وشهواته لله، وقد أخرج ابن المبارك وأحمد وأبو نعيم عن يزيد بن ميسرة قال: إن الله تعالى يقول: «أيها الشابُّ التاركُ شهوتَه لي المبتذلُ شبابَه من أجلي، أنت عندي كبعض ملائكتي»( أخرجه ابن المبارك في الزهد ص 117 (346)، وأحمد في الزهد ص106، وأبو نعيم في الحلية 5/237). وقد قيل: «تقول التوبة للشاب: أهلا ومرحبا، وتقول للشيخ: نقبلك على ما كان منك» (لطائف المعارف لابن رجب ص 370). اللهم تب علينا لنتوب، واغفر لنا الخطايا والذنوب، إنك يا ربنا على كل شيء قدير، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. | |
|
topkemo ذهــــــــــــــبـــــــــــــــــــي
عدد المساهمات : 334 تاريخ التسجيل : 01/05/2009 العمر : 35 اللهم اغفر لنا وارحمنا
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الثلاثاء مايو 19, 2009 6:04 pm | |
| مشكوررررررررر على االموضوع الرائع جزاكم الله خيرا ربنا يكرمكم يا رب | |
|
الشيخ أيوب الــــــــمراقب الـــعام
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 27/04/2009
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الخميس مايو 21, 2009 12:14 am | |
| - topkemo كتب:
- مشكوررررررررر على االموضوع الرائع
جزاكم الله خيرا ربنا يكرمكم يا رب بارك الله فيك اخي توب كيمو
واشكر مرورك الطيب
وجزاك الله خيرا | |
|
نور الاسلام مــــــــمـــــــــيـــــــــــــــز
عدد المساهمات : 216 تاريخ التسجيل : 27/04/2009
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الخميس مايو 21, 2009 11:22 pm | |
| | |
|
الشيخ أيوب الــــــــمراقب الـــعام
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 27/04/2009
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الأحد مايو 24, 2009 3:56 pm | |
| بارك الله فيكم
وجزاكم الله خيرا | |
|
شهد مــــشرف عـــــــــــــام
عدد المساهمات : 554 تاريخ التسجيل : 28/04/2009
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الإثنين مايو 25, 2009 12:25 am | |
| بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وجعلة الله فى ميزان حسناتك حقا ان كان هذا حال بشر رضى عن بشر فما حال البشر ان رضى عنهم رب البشر ربنا يرضى عليك شيخنا يارب ويرضى علينا اجمعين | |
|
الشيخ أيوب الــــــــمراقب الـــعام
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 27/04/2009
| موضوع: رد: هل أنت مثل شحاته ............ ؟ الإثنين مايو 25, 2009 8:20 am | |
| - شهد كتب:
حقا ان كان هذا حال بشر رضى عن بشر فما حال البشر ان رضى عنهم رب البشر بارك الله فيك اخت شهد واشكر مرورك الطيب
نعم والله لو لجأنا الي الله وبكينا عنده وطلبنا منه لاستجاب دعاءنا ولتغير حالنا ورضي عنا
اللهم ارض عنا اجمعين | |
|